عندما قرأت عن القرار للمرة الأولى رائيته قرارا صائبا و يدعم بطريقة ما الصورة التي أحب أن تكون سوريا عليها و لكن عند قراءتي لأسباب القرار كانت بعيد عن الأسباب التي أنا أراها و التي يجب لأجلها منع النقاب لا في المؤسسات التعليمة فحسب بل في كل الأماكن
فمن الأسباب المطروحة أن الدراسات أثبتت أن لقسمات الوجه دور كبير في إيصال المعلومة للطلاب وهذا أحد الأسباب المطروحة من قبل الحكومة ، و كما قال مفتي الجمهورية أن النقاب بعيد عن عادات المجتمع السوري ويخرج من إطار العادة ليصبح عبادة و أخيرا أحد الوزراء قال لأسباب أمنية ،
و أنا من السبب الأخير أجد أن قرار الحكومة منقوص إذا كان السبب الأخير من أحد الأسباب المؤدية للمنع فنحن نفهم أن الأسباب الأمنية قد تكون و بأبسط صورها دخول أحد الإرهابيين متخفيا بلباس النقاب إلى أحد المؤسسات التربوية و يقوم بعمل إرهابي ما و لكن بنظرة بسيطة يمكننا القول أنه من الممكن جداً أن يتنكر أحد الإرهابيين بهذا الزي و يدخل أي تجمع بشري كالأسواق و المراكز التجارية و و و بنفس الطريقة و ينفذ ما يريده فإذا كانت الدواعي أمنية لمنع النقاب في المؤسسات التعليمية فلا أظن أن هذه الدواعي تزول خارج هذه المؤسسات و عليه فيجب أن يمنع النقاب في كل الأماكن العامة .و طبعا هذا موضع شائك في سوريا بسبب صعود موجات دينية لم تعالج منذ البداية و تركت لتأخذ هذه الصورة فالكم الهائل من الدعوات الوهابية تنهال بشكل جنوني عن طريق الفضائيات التكفيرية و المختصة بسباب الطوائف بعضها إلى بعض أو من خلال الانترنت و المنتديات والمواقع الخاصة بتنمية الفكر الديني المتعصب و كما لا ننسى بالطبع الحال المتردي للمواطنين من فقر وعوز أدى بهم إلى الاتجاه للدين بطريقة أو بأخرى للخروج من أزماتهم .
و بعد الزوبعة التي أثارها قرار منع ارتداء النقاب في سوريا في المراكز التعليمية (جامعات – معاهد - مدارس) تحدث البعض عن صعود للدولة العلمانية في سوريا على اعتبار أن النظام الحكم علماني .
أن الصورة العلمانية لأي بلد لا تؤخذ كون نظام الحكم علماني أو يميني أو يساري فهي تؤخذ و بشكل مباشر من المجتمع و إذا كان ها المجتمع بصورة عامة علمانيا أو دينيا أو غير ذلك و هذه القانون ينطبق على سوريا فنظام الحكم فيها علمانيا كما يقال و لكن في نفس الوقت الدستور يقول بأن مصدر التشريع هو الإسلام و دين رئيس الجمهورية الإسلام غير أن المحاكم الشرعية قائمة لحل الخلافات الزوجية والزواج والطلاق و الأحوال الشخصية فنحن حتى الآن بعيدين عن فانون مدني كما لدينا قانون أحوال شخصية من القرون الوسطى عندما قرروا تغيره وضعوا قوانين من العصور ما قبل الحجرية .
فهنا المجتمع يحدد صورته التي هو عليها طبعا و هذا يتأثر بعوامل متعددة مثلا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان بالإمكان ولو بصرة بسيطة القول أن المجتمع في سوريا أقرب إلى العلمانية ذلك نتيجة صعود نجم الاشتراكية في حينها و تبني نظام الحكم وقتها الأفكار الثورية و الاشتراكية و انحسار التيار الديني سياسيا
و هذا الحال بدء بالتغير و ظهر التغير جليا منذ بداية تسعينيات القرن الماضي والحال الآن بدأت صورة العلمانية تخبو في وسوريا و صعدت التيارات الدينية التي كان في صعودها في بعض الأحيان مصالح حكومية كما كان للأحداث على الساحة العالمية دورها الفعال من جعل أفراد المجتمعات المسلمة متهمون ومستهدفون فقط لأنهم مسلمون و أدت إلى ردت فعل لديهم أحدها و أبرزها التعصب الديني.
إن عودة المجتمع العلماني أو بناء مجتمع علماني يتطلب الكثير من الجهد وفي مرات عديدة أقول أن الفرصة في سوريا قد فاتت على التغير ولكن أعود لأكتشف أن هناك فرصة كبيرة ولكن بحاجة لقرارات جريئة من قبل الحكومة قبل الشعب .
No comments:
Post a Comment