Sunday, 25 October 2009

عن بيوت الدعارة المرخصة


بالفترة الاخيرة تم تداول عدة مواضيع لها علاقة بالدعارة والعلاقات غير المشروعة ..
ولفت نظري دراسة كان قد أعدها المحامي علاء السيد عن بيوت الدعارة المرخصة بحلب والتي كان مسموحا بوجودها قبل العام 1962
عمدت الى تلخيص الدراسة.. وذكر اهم ما فيها
في عام 1901 م قرر والي حلب العثماني رائف باشا افتتاح دار دعارة
مرخصة في حلب ، أسوة بباقي مدن السلطنة العثمانية ،كما ذكر الطباخ في كتابه إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، و كان الهدف منها حصر و تنظيم عمل المومسات في هذا المجال منعا من تواجدهن في مختلف الأحياء و فرض رقابة صحية عليهن ، و انقسم الناس حينها بين مؤيد لفكرة حصر الدعارة في أماكن محدودة ، و معارض بشدة للترخيص الرسمي لها
و تقرر إقامة بيوت الدعارة المرخصة في حلب - التي أطلق عليها اسم المحل العمومي - في حي بحسيتا ،التابع لحارة القلة ، قرب ساعة باب الفرج الحالية .
كان المحل العمومي الذي تم ترخيصه للدعارة ، مؤلف من مدخل ضيق يحمل رقم 142 في لوحة معلقة على جداره ، و لذلك اشتهر هذا الرقم كرمز للمنزول .

و تنفذ من المدخل الى زقاق ضيق ، على طرفيه مجموعة من الدور العربية، لكل دار حوش و عدة غرف موزعة في أطرافه ، لبعضها غرف علوية ( مربع ) .

و في نهاية الزقاق منفذ آخر له باب مغلق لا يفتح إلا في أحوال خاصة كاستقبال الجنود الفرنسيين و المليس ( و هي كلمة مشتقة من ميليشيا ) او لدخول الأطباء و موظفي الصحة .

قرب المحل العمومي كانت توجد حمام عامة تحمل اسم حمام الهنا ، و قد خصصت أوقات محددة فيها لفتيات الكرخانة ، و قد هدمت الآن .

و قرب المنزول مشفى خصصته الدولة لفحص الفتيات و لمعالجة الأمراض التناسلية .

في الأربعاء من كل أسبوع ، تخرج الفتيات من الباب الخلفي للزقاق المخصص لهذا الأمر ، ليقمن بزيارة الطبابة الشرعية - التي كانت قريبة من المنزول - لإجراء الفحص الدوري ، و في حال تبين إصابة أي منهن بمرض ما ، تعزل و تحجر حتى تتماثل للشفاء في المستوصف القريب من المنزول . و توجد فيه غرف تشبه الزنزانات ، كما تحجر الفتيات فيه طوال فترتهن النسائية الشهرية ، لمنعهن من العمل خلالها .

كانت الفتيات تلجأن لكيّ الرحم منعا من حصول الحمل ، و الى الإجهاض في حال تم حدوثه ، فقد كانت تربية الأطفال ممنوعة داخل المحل العمومي .
أمام مدخل المنزول مباشرة يوجد مسرح ضخم لتقديم العروض الفنية ، مؤلف من ثلاث طوابق ، على واجهته الحجرية كتابة قديمة هي ( قهوة السلام ) ، و قد اشتهر آخر أيام عمل المنزول باسم ( مسرح غازي )، و كانت الفتيات اللواتي يملكن مواهب فنية يقدمن عروضا فيه، و يسمين حينها الخوجات و مفردها خوجة ، و لا يشترط بالخوجة ان تمتهن الدعارة .

في المنزول تقيم عشرات الفتيات البالغات من مختلف الأعمار و الجنسيات، و كلهن غريبات من خارج المدينة ، فلا تضع السلطة فتاة من ذات المدينة في منزول المدينة ، لأنها تتعرض للقتل فورا من قبل أفراد عائلتها .

السبب الأكبر الذي كان يدفع الفتيات للدعارة ، و من ثم الإقامة الجبرية في المحل العمومي بعد القبض عليهن ، هو الفقر و الظروف الاجتماعية و الأسرية السيئة ، و أغلب المومسات لسن جميلات .

كان للعساكر يوم خاص هو الخميس مساءاً ، من الساعة السابعة حتى التاسعة مساءاً ، و تم تغييره لاحقاً الى يوم الجمعة ، و لهم تخفيض خاص في السعر يصل حتى النصف ، و يأتون برفقة عريف و يصطفون بالدور برتل عسكري ، قد يصل الدور الى العشرات ، و تستبدل يومها مفرزة الشرطة التي تحرس مدخل المنزول بعناصر من الشرطة العسكرية.

في الأربعينات كانت هناك ثلاث تسعيرات متعارف عليها ، و هي ليرتين ، و ثلاث ليرات ، و خمس ليرات ، تبعا لعمر الفتاة و مستوى جمالها ، و قد زادت هذه التسعيرة لتصل الى إحدى عشر ليرة في أواخر أيام المحل العمومي .

يمضي الشاب مع الفتاة فترة قصيرة لقاء هذا المبلغ لا تزيد عن ربع ساعة ، في حال رغب بتمديدها لمدة ساعة كان عليه ان يطلب فنجان قهوة و يدفع ثمنا له ليرة كاملة، أما إذا رغب بتمضية ليلة كاملة فيدفع تسعيرة مرتفعة و يسمى هذا الأمر الأنكاجيه ( و هي كلمة من اصل لاتيني يستعملها الفرنسيون و الإنكليز و تفيد التعليق و الانشغال ) .
أحيانا تقع الفتاة في هوى رجل فتستقبله مجاناً ، و غالباً بعد منتصف الليل ، و ينبغي على الفتاة التعويض على القوادة من مالها الخاص .

الرجل الذي تقع الفتاة في هواه و يقع في هواها ، تقيم له حفلا يسمى البالو ( و يبدو أن الاسم مشتق من كلمة ball التي تستعمل في الانكليزية و تعني حفلة راقصة مختلطة ) ، تدعو إليه صديقاتها من المومسات و يدعو هو بعض أصدقائه - إذا شاء - و تصبح محرمة على أصدقائه كما يصبح هو محرما على صديقاتها .

و يتحول الى متردد دائم عليها و يقوم بحمايتها و مبادلتها الهوى ، و تقوم هي بالإنفاق عليه إذا شاء ، و أطلق الحلبيون على هذا الرجل لقب السيفونجي ، و قد كان محتقراً جدا في المجتمع، و لقبه مشتق من الكلمة الفرنسية ( سيفون ) و التي يطلقها الحلبيون على مجرى تصريف المياه الوسخة .

و قد يتورط أحد شباب العائلات المعروفة بقصة حب مع فتاة من المحل العمومي فيطرده أهله و يمنعوا عته المال ، فيتحول الى سيفونجي .

في عام 1958 ، أيام الوحدة بين مصر وسورية ، أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القانون رقم 10 للقطرين السوري و المصري ، قضى هذا القانون بإلغاء البغاء وإغلاق كل دور الدعارة .

و عاقب القانون في حينه كل مدير للمحل العمومي يستمر بالعمل ، بالحبس لمدة تصل حتى أربع سنوات ، و قد نص القانون أن على وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إيداع البغايا المرخص لهن من تاريخ العمل بهذا القانون بمؤسسة خاصة ، وللمدة التي يراها مناسبة لتأهيلهن لحياة كريمة وتدريبهن على الكسب الشريف .

من غرائب القانون المذكور ، الذي ألغى ترخيص بيوت الدعارة -علما انه القانون الساري حتى يومنا هذا - ان الرجل لا يعاقب بأي عقوبة في حال ضبط مع فتاة دفع لممارسة الدعارة معها ، بل تعاقب الفتاة فقط .

أما عقوبة من يسهل الدعارة و هي القوادة أو القواد الحبس حتى ثلاث سنوات ، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به ، و في حال قام هؤلاء بإكراه و إجبار الفتاة على الدعارة او استقدموا المومسات من خارج القطر ، يكون الحبس حتى خمس سنوات .

أخيراً … بعد أربعة و سبعين عاما ، قررت بلدية حلب هدم منطقة المحل العمومي ، في إطار مشروع تحسين منطقة باب الفرج.

و فعلا هُدم المنزول ، و ما زال مكانه خراباً حتى هذا التاريخ ، و تفرقت المومسات إلى أماكن مختلفة في المدينة ، منهن من تابت ، و منهن من استمرت في ممارسة الدعارة السرية .

و انتقلت بعضُ منهن الى مدن بعيدة لتجنب الاقتراب من أهلهن ، مثل مدينة دير الزور ، و مدينة القامشلي التي سمي المحل العمومي فيها باسم (البيت الأبيض) .

أخيرا …و في نهاية هذه الدراسة أقول : سمعت تعليقا طريفا كرره الكثيرون أمامي عند جمعي لمعلومات هذه الدراسة ، و لا أدري فيما إذا كانوا محقين به : ( من زمان كان الوضع أفضل ..فقد كانت الدعارة محصورة في المحل العمومي في حي بحسيتا ، أما الآن فقد صارت قرب بيوتنا ، في العديد من الأحياء ، و في المنازل الخاصة و المزارع المقامة في الضواحي)
هذا الموضوع منقول من موقع الأخوية
وبشكر صديقتي ناي اللي تعبانة بهالموضوع

No comments: