Saturday 13 June 2009

أخي .. في ذكرى رحيله


في مثل هذا الوقت منذ ست سنوات رحل أخي في موت متوقع لشخص في مثل حالته أظنها البداية الكلاسيكية لكي أقول أنها الذكرى السنوية السادسة لرحيله من بيننا و انتقاله للعالم الآخر مع أني أردت بداية مختلفة ولكن كما يقال في الموت نفعل أشياء كثيرة ولكن لا نغير حقيقته و خوفنا منه وصدمتنا وكل شيء يخصه واعتبرناه الشر الأكبر في أحديثنا .
أذاً منذ ست سنوات رحل و أذكره هذه المرة كما لم أذكره في كل مرة أنها المرة الأولى التي أعلن فيها أني أذكره في كل يوم وفي كل نظرة إلى حائط الغرفة الذي تتوضع صورته على يسار صورة والدي الذي رحل منذ اقل من سنة وجدتي التي رحلت من ثلاث سنوات أنظر لتلك الابتسامة المرسومة على وجهه الشاحب المريض فهوى كان مريضا في كل الأحيان والأوقات أذكر بدقة تلك اللحظات الأخيرة التي تكلم فيها معي وقال انه يريد الماء الذي كان ممنوعا عنه وأذكر اللحظة التي قال لي فيها أبي أن أترك المستشفى و أخبر بقية عائلتي بأن يستعدوا للذهاب إلى ضيعتنا وكيف سألته مباشرة لماذا لأن أخي لم يمت بعد قال لي أنه لا أمل ....
بقى بعدها ثلاثة أيام في غيبوبة و أذكر استسلام أمي لرغبة أبنها التي بدأت تفتح له فمه وتشربه الماء البارد جدا استسلمت !!! لأظنها كلمة مناسبة أظنها حققت رغبه ابنها بأن يشرب الماء البارد الذي كان هو ممنوعا عنه .
لم أكن أستطيع تقبل استسلامه لأي شيء كنت رافضا لاستسلامه للمرض و الحقيقة كنت رافضا حقيقة أنه وصل للنهاية لأنه هو أيضا لم يستسلم للمرض فقد عاشر المرض عشرون سنة من عمره الذي توقف عند الثلاثين .
أذكر أني وقفت عند سريره في المستشفى وهو في شبه الغيبوبة و عيناه لم تكونا مغمضتين جيدا فدققت في بؤبؤهما فرأيتهما يتحركان فحركت حول السرير والبؤبؤان يذهبان معي فعرفت أنه يسمعني وأنه يحس بوجودي إلى جانبه فهمست له بأشياء بقيت وستبقى سرا بيننا.
برحيله اكتشفت أشياء جديدة فيقولون أن الروح تخجل بخروجها من جسد الإنسان بوجود أمه وأمي لم تكن تفارق أخي الغائب عن الوعي ولكن في اللحظة التي استطعنا أخراجها من الغرفة خرجت روحه من جسده و كثر يقولون أن يموت أحدا مريضا فهو راحة له و انه خبر موته لن يكن صادما جدا واكتشفت أن لحظة الموت لا تختلف أبدا بأي حال من الأحوال فموت أخي المتوقع حتى والمحتم لم يكن هكذا فلحظة قالوا لنا انه مات صعقنا وتمنينا أنه لو بقي حياً ولو كان مريضا
أخي الذي أحببتك أكثر من أي أخ أخر أحبك أخبرك بوحشة غيابك عني وعن أمي التي مازالت ساعة يدك موضوعة في يدها وتحسب فيه وقت رحيلك وأخبرك أنه حتى الآن لم يتوقف عقرب ثوانيها ولم تتبدل بطاريتها حتى .
أخي اشتقت أليك
أخي أحبك

7 comments:

عبدالرحمن said...

هائل هذا الكم من المشاعر التي تتدفق كلها دفعة واحدة في تدوينة واحدة. هذه الرابطة التي لا تنقطع حتى بعد الممات هي ما يميز بلادنا عن جميع بلدان العالم الأخرى.
لعله أخوك الان يعلم مقدار حبك وشوقك, ولعله كذلك يرغب بأن ينقل إليك نفس المشاعر لكنه لايستطيع. بوركت لأنك لاتخجل من أن تظهر الحقيقة الأبدية لبني البشر, ضعفاء بعيدون عن الكمال تملؤهم المشاعر والأحاسيس...

Gabriel said...

معاناتي بكتابة رد على هذه التدوينة أشعرني بمدى صعوبة اللحظة التي كتبت فيها مشاعرك وعبرت عنها في هذه الصفحة
التعبير عن المشاعر بنقاء وصفاء من أصعب الأشياء على الانسان
احييك على صفائك ونقاء كلماتك
ولا أرغب استخدام جمل انشائية لإشعارك بالمؤازرة ، فأنت أعلم بالمكانة التي اكنها لك

زين الفينيقي said...

شكرا غابي وعبد الرحمن ع كلامكون الحلو

شــيرين الحايك | Sherry Al-Hayek said...

في الي صديق توفي لما كنا صف عاشر .. و كان أوّل مواجهه حقيقه الي مع الموت من خلاله .. وقتها عرفت انـّو الموت هو الصديق الغير مرغوب فيه و اللي بيجي دائما ًبلحظه غافله ليذكرنا انو خلص الوقت ..
الله يرحمه .

3bdulsalam said...

يوجد أشخاص يطويهم الموت إلى غير رجعة وربما الحياة ومشاغلها

لكن بعض منهم ما أن يلفهم الموت بوشاحه حتى يصبحوا أمامك في كل لحظة تشعر بهم، بأنفاسهم بحضورهم، تتمتم لهم ويهمسون لك . . يصبحون القرين الذي لا يراه أحد سواك

لكن تشتاقهم وما أصعب الشوق إلى من تشعر بقربه الشديد وبعده اللامحدود.

يصبح فقدهم الحقيقة الوحيدة التي تستعصي على التصديق.

رحم الله أخاك . . فأنا أشعر بكل حرف كتبته.

Anonymous said...

ليتنا نعتاد على الموت كما نعتاد على الحياة

وليتنا نصدق ان الموت حق واحيانا رحمة

ليتنا نستطيع ان نقفل الجرح لا أن نغطيه

الموت هو موت والجرح جرح

ولكن بعض موتانا وان غابو يبقون احياء

فهاهو اخاك حي في ذاكرتك وتعرفنا اليه بعد ست

سنوات من رحيله

له الجنة وطيب الذكرى

ولك مديد العمر وجميله ووردة

طوروس من معبد الياسمين

zen phoenician said...

شكرا شباب ع المشاعر الحلوة معي شكرا كتير