تمر سوريا منذ شهر تقريبا بأزمة كبيرة نوعا ما فشهدت سوريا احتجاجات غير مسبوقة و عندما نقول غير مسبوقة لا نقصد حجم تلك الاحتجاجات بقدر ما نقصد الاحتجاج بذاته ، فسوريا على مدار عدة عقود لم تشهد احتجاجات تذكر من هذا النوع و لا حتى من أي نوع آخر في وجه الحكومة أو النظام .
فكيف تلقفت وسائل الإعلام السورية و العربية و العالمية أخبار هذه الاحتجاجات :
في بداية الاحتجاجات التي بدأت بمظاهرة صغيرة نسبيا في سوق الحميدية الأمر الذي لم تعطيه وسائل الإعلام الحكومية منها والخاصة أيه أهمية فيما عدا قناة المشرق التي تبث من دبي التي تناولت المظاهرة بكثير من التضخيم الإعلامي ، بعدها توقفت المحطة عن بث أخبار سوريا لمدة أربعة أيام و تردد انباء عن استقالة موظفين و مذيعين من القناة بسبب تغطيتها الغير مهنية للحدث أو ربما لعقد صفات لم تنجح أو ان المحطة قررت التريث فترة لترى صورة الاحداث و كيفية التعامل معها خاصة بعدما فتحت الهواء للمتصلين من سوريا الذين بدأ يكيلون التهم والانتقاد للمحطة بشكل كبير . و بعد مرور هذه الفترة من الاحتجاجات يرى من يتابع قناة المشرق أنها استبدلت اسلوبها بالتغطية لأحداث الاحتجاجات التي سمتها الثورة السورية و ذهبت في دعم هذه الثورة حتى اخر نفس و بكل الوسائل المشروعة منها او غير المشروعة فبثت خطب جمعة القرضاوي / التحريضية / كما يسمها غالبية السوريين على اختلاف آرائهم و نداءات الشيخ الخزنوي بالثورة على النظام الفاسد وهذه التغطية لم تخلو ريح طائفية استهجنت بشدة كما بدأت باستضافة المعارضين السوريين في الداخل والخارج ، ولكن هناك رأي آخر أن في قلب المعركة كل شيء جائز و كل الأسلحة ممكنة حتى التي من الممكن أن تدمر الوطن فالقيامة حسب رائيهم لا تأتي إلا بعد الموت . و لكن في الأسبوع الأخير بدأت بوادر التخبط في التغطية واضحة في نشرات أخبار المشرق فبعدما كانت تبث أخبار عن قيام السوريين عن بكرة أبيهم في ثورة و مظاهرات ضد النظام بدأت تبث تقارير تعلل فيها أسباب عدم نزول غالبية السوريين على الشارع في تناقض واضح مع ما كان يبث قبل يوم واحد فقط ، بيد أن قناة المشرق لم تحمل لواء هذه الاحتجاجات إلا بعدما تأكدت ان السوق السوري مغلق في وجهها و بعد خلافات شخصية بين وزير الإعلام السابق و غسان عبود صاحب المحطة فكأنه يقول أو أدخل السوق او أقلب الطاولة و فعلا قلب الطاولة و المعادلة الإعلامية .
الأعلام الرسمي السوري لم يتأخر في تناول أحداث الاحتجاجات ولكنه تخبط في نقل الأحداث و انتشرت عبر أخبار القناة عدة روايات أشهرها المندسين و أخرها جماعات مسلحة تجوب المدن السورية و تشتبك مع الناس والأمن في آن واحد ، كان للإعلام السوري الرسمي يد طولى في خلق شرخ كبير بين مدينة درعا و باقي المناطق في سوريا على المستوى الشعبي ومازال مستمرا في هذه السياسة التي يراها مناسبة للأوضاع فلم يعترف الإعلام مرة بخطاء الأمن في استخدام السلاح الحي اللهم اعتراف مستشارة الرئيس السوري التي قالت ربما وقعت أخطاء و ستتم محاسبة المرتكبين و بقى الدم يسيل في كل مظاهرة و بدأت رحلة التلفزيون الحكومي في كشف هويات المندسين حسب تسميتها على أنهم من جنسيات عربية و في اللاذقية بدأت مراسم التحريض الطائفي التي حتى الآن يختلف فيها وجهات النظر فهناك من يقولون ان النظام هو من عمل واخترع هذه اللعبة لكي يقول أنا أو من بعدي طوفان و خراب فيما يقول الرأي الثاني أن هناك من استغل المظاهرات و مطالب الشعب المحقة و أندس بين المتظاهرين و هذه بالضبط ما تبنته قناة الدنيا الخاصة و حتى الإذاعات في سوريا غيرت بلاي ليست الأغاني لتبدأ بثها المباشر المندد بالتظاهرات والتدخلات الخارجية و التنديد باستخدام الفتنة و ظهرت حملات تخوين كيفما اتفق فأظهرت وسائل الاعلام السورية الحكومية والخاصة فيما عدا المشرق عن قصد أو بدونه أ كل من تظاهر خائن حتى أن المتصلين يستخدمون أشد العبارات ضد من تظاهر كأن يحرق كل من يتظاهر فيما المذيع لم يعترض على المتصل بحجة حرية الرأي !!! ، غير أن اللافت من بين القنوات السورية هي ظهور قناة الإخبارية التي مازالت في بثها التجريبي و هي بالطبع تتبنى رأي النظام غير أنها نزلت إلى الشارع و ألتقت المتظاهرين و أسمعت مطالبهم و بدأت تذيع أخبار عن المعارضة السورية في بعض الاوقات و عملت على عدة تقارير بطريقة حرفية و فضحت على حد تعبيرها بعض الفيديوهات المزورة و الأخبار الكاذبة التي تنتشر على قنوات الأخبار و تنفدها .
فيما أخذ الاعلام الخارجي أحداث سوريا كلا حسب أجندته الخاصة فأصلا الثقة بدت معدومة في هذه القنوات عموما و قناة الجزيرة خصوصا بعد تجاهلها لما حصل بالبحرين و قد اعتمدت هذه القنوات في غالبيتها على ما يسمى بشهود العيان التي بدأت رواياتهم تتخبط في بعضها عما يحصل على الأرض و بدأت وسائل الاعلام هجوما عنيفا بتأييد شعبي نوعا ما هجوم على وسائل الإعلام كالعربية والجزيرة و BBC و F24 و لأنه تتجاهل طرف كامل على الأرض و تغطي أخبار المعترضين فقط بيد أنه من غير الممكن أن نحكم بشكل كامل على وسائل الإعلام هذه في ظل ما يشهده المشهد السوري من تعتيم إعلاني فمنعت هذه القنوات و الوكالات الإخبارية من تغطية ما يجري على الأرض بسبب مسبق و هوي عم المهنية .
ربما أكثر ما أضر بصورة النظام في الوقت الحالي تحديدا هو طريقة تعامله مع الإعلام الخارجي و طريقة الإعلام الحكومي أيضا بنقل الأخبار و الصور، فلم يعد أمام تلك القنوات و الوكالات إلا الاعتماد على مصادر ربما لا تكون ذات مصداقية كبيرة كشهود العيان و مقاطع الفيديو التي تم كشف التلاعب بالعديد منها .
No comments:
Post a Comment